المعروف أن الرمز الذي يتناوله مزمور23 هو رمز: الراعي والخروف، ولكن الحقيقة هي أن هذا الرمز يمتد إلى العدد الثاني فقط، أما في عددي3، 4 فنجد رمز: الدليل والمسافر، وفي عددي5، 6: المُضيف والضيف. وبهذا ترتبط هذه الحقائق: المئونة، والقيادة، والشركة. ونلاحظ أيضًا التدرج في الفكر. فالخراف تبيِّن الامتلاك، والمسافرون يتقدمون في المسير، والضيوف يصلون إلى البيت.
(1) المئونة: الراعي والخراف (ع1، 2): الراعي ليس إلا الرب نفسه، والخروف هو أنا. لا شك أن هناك قطيعًا، ولكن ليست هذه وجهة النظر هنا، إنما الموضوع هو: راعيَّ، وأنا. وهذه علاقة فردية. فمن جهتي: الفقر والفراغ، ولكن فيه: الغنى والملء. إن فقري قد جعله يفتقر من أجلي، والآن غناه يجعلني غنيًا ولا يعوزني شيء، وقوته تجعلني قويًا. وهو يربضني في المراعي الخُضْر ويوردني إلى مياه الراحة معه. لقد عطش مرة لأجلي، والآن يُنعش نفسي على الدوام.
(2) القيادة: القائد والمسافر (ع3، 4): هنا أيضًا، أنا وقائدي، مع أن الطريق مملوء بالمسافرين، ومع ذلك فأنا لا أختلس حق غيري في رفقة الرب، عندما أتخذ الرب بجملته لنفسي. الطريق التي أسير فيها يوجد بها خطر، وظلام، وأعداء يهاجمون دائمًا. ولكني أسير إلى الأمام لأنه يهديني، ليس لأجل راحتي وتعزيتي فقط، بل من أجل مجد اسمه أيضًا. لذلك لا أخاف شرًا لأنه معي كل الطريق، وأشعر على الدوام بيمينه تمسكني، وصوته يهمس في أُذني بكلمات التشجيع. إنه يعرف الطريق جيدًا لأنه سار فيها قبلي. وعندما أسمع أصواتًا مزعجة أنظر إلى عصاه فأتعزى. وعندما أحس بالتعب والإعياء من السفر، عكازه يسندني ويعزيني. وهكذا أسير في كل الطريق بما فيها من مرتفعات ومنخفضات تلازمني ابتسامة قائدي الصالح ومرشدي الأمين.
(3) الشركة: المضيف والضيف (ع5، 6): على طول الطريق إلى أن أصل إلى البيت المُنير لا يزال هناك اثنان، أنا والمضيف العظيم الذي يهيئ لي كل أسباب السعادة. فما أشهى المائدة التي يرتبها قدامي. لقد طهرني بغسل الميلاد الثاني، ومسح رأسي بدهن الابتهاج، وهو يملأ كأسي حتى تفيض بأفخر أفراح السماء. وقد أمر اثنين من أنشط خدامه أن يلازماني كل أيام حياتي وهما: الخير والرحمة، إلى أن أجد نفسي أخيرًا قد وصلت إلى الوطن السماوي.
منقول