أمي الحنون حين سمعت كلمات سمعان الشيخ لكِ حين قال
وأنت أيضا يجوز في نفسك سيف
جال في خاطري ذاك السيف المرير الذي جاز في نفسك
حين وقفت تحت الصليب لتنظري ابنك البار
معلقا بين لصين
ولم يكن هذا هو السيف الوحيد
بل أن حياتك يا أمي كانت حياة مليئة بالسيوف التي جازت في نفسك
فقد جاز بنفسك سيف الفقر والعوز إذ عشتِ حياة الكفاف اليومي
وسيف أخر جاز في نفسك حين أخرجوكى من الهيكل لتعيشي بين الناس حياة مليئة بالأعباء والإنشغالات الكثيرة
بعد أن تعودت حياة الهدوء والخلوة
وكان السيف المرير أمي الحنون هو حينما وُجدت حبلى
كيف واجهتي هذا السيف
فيما كنتِ تفكرين
كيف ستدافعين عن نفسك حين يسألونك عن سبب هذا الحَبل
بما ستجاوبين
كيف ستنقذين نفسك من الرجم الذي أمرت به الشريعة
كيف ستواجهين نظرات يوسف لكِ
ذاك الرجل الذي فتح لكِ بيته لتعيشين فيه
كيف ستواجهين نظرات الشك في عينيه
كيف يصدقك الناس حين تقولين لهم انك حبلى بالروح القدس وهم لم يشاهدوا مثل هذا الأمر من قبل
آه يا أمي انه سيف مرير
وكم كان السيف اشد مرارة حين ولدتى ابنك ووجدتيه مهددا بالموت من قبل هيرودس
كيف مرت عليك هذه الأيام
كيف تحملتي الهروب من أرضك إلى ارض مصر
كيف تحملتى مشاق السفر تحملين ابنك على ركبتيك
كيف تحملتى مشقة الطرق غير الممهدة
ولم تكن هناك وسائل المواصلات المريحة
كيف مرت عليك الأيام في أرض مصر
كيف عشتى بين نقص متطلبات الحياة وبين رفض المصريين إستضافتك
حقا يا أمي الحنون كم من سيوف جازت في نفسك
وحين رجعتى إلى أرضك وكبر طفلك
كيف تحملتى الكتبة والفريسين ورؤساء الكهنة وهم يطلبون كيف يهلكوه
كيف تحملتى تهييج الشعب ضد ابنك
كيف تلقيتى خبر القبض على ابنك في بستان جيسمانى
كيف تحملتى وانتِ تعلمين غلاظة قلوب اليهود وقسوة الجنود الرومان
إنها لا شك كانت أيام مريرة تلازمين فيها ابنك من مكان لأخر
من جسيمانى إلى قيافا ثم إلى بيلاطس
ومن بيلاطس الى هيرودس ثم إلى بيلاطس مرة اخرى
ومنه إلى الجلجثة
كيف استطعت متابعة الأحداث خطوة بخطوة
في الوقت الذي تراجع فيه الرجال
فتلاميذه تفرقوا في جيسمانى ليلة القبض عليه
وأنكره بطرس خوفا
ولكنك امى الحنون لقيت مشيتي الطريق معه حتى الصليب
كيف تحملتى ابنك يُبصق عليه
كيف تحملتى وهو يُكلل بالشوك
كيف تحملتى ضربه بالقصبة على رأسه
كيف تحملتى استهزاء الجنود به
كيف تحملتى صرخات الشعب لبيلاطس اصلبه اصلبه
كيف تحملتى جلدة
كيف تحملتى الكرباج حين ينزل على ظهرة الطاهر
وقطرات الدم تملا كل جسدة
وجلدة يتمزق ولحمة يتناثر
نعم لقد كان قلبك يعتصر آلما
كيف تحملتى ابنك واقعا تحت الصليب لا يستطيع القيام من شدة التعب والإجهاد الشديد
وجاءت اللحظات التي فيه اشتد السيف مرارة
حين سمروا يديه ورجليه وعلقوه على خشبة بين السماء والأرض
آه يا امى كم تحملتى من سيوف
كيف تحملتى كلماته وهو في اشد تعبه متفكرا بك إذ خاطب يوحنا قائلا هذه أمك
كيف تحملتى هذه اللحظات وهو يسلمك لآخر إذ هو ماض عنكِ
كيف تحملتيه وهو ينادى أنا عطشان
هل تذكرتي أمى الحنون كم مرة رويته
وكم مره ارضعتيه من ثدييك
آه يا أمى كيف كنتِ ترين العالم يفرح لقبوله الخلاص
وأحشاءك تلتهب لنظرك إلى صلبوته الذي هو صابر عليه
لقد صبرت يا أمي وكنتِ تحفظين كل هذا متفكرة به في قلبك فأعينينا على الإحتمال
اذكريني يا أمى الحنون