القديس اوغسطينوس أسقف هيبونا ( عنابة الحالية بشمال شرق الجزائر ) .
ولد هذا القديس بمدينة تاجست ( سوق اهراس حاليا بشمال شرق الجزائر ) في سنة 354م من والد وثني يدعى باتريكوس وأم مسيحية تقية تدعى مونيكا فلقنته مبادئ الدين المسيحي منذ طفولته .
درس أولا في موطنه الأصلي ولكنه تعرف على مجموعة من الشباب الأشرار الذين قادوه إلى الشر والرذيلة فأهمل دراسته وعاش حياة الفراغ والخطية والفشل لأن المعشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة .
ذهب بعد ذلك للدراسة في قرطاجنة ( تونس حاليا ) وهناك عاش حياة الفساد والخطية كانت أمه تنصحه كثيرا وتصلي من اجله بدموع حتى يرجع عن شره ولكنه كان يزداد في الخطية والفساد مما سبب آلاما شديدة لأمه التقية ، وبعد أن حصل على قسط من التعليم في قرطاجنة سافر إلى روما ومنها إلى ميلانو حيث أختاره حاكم ميلانو ليباشر مهنة التعليم هناك .
وسافرت أمه وراءه إلى ميلانو وكانت تصلي من أجله بحرارة ودموع غزيرة وتشكو أمرها للقديس امبروسيوس أسقف ميلانو فكان يعزيها قائلا : ثقي يا ابنتي أنه لا يمكن أن يهلك ابن هذه الدموع . وبتدبير الهي التقي اوغسطينوس بالقديس امبروسيوس وأعجب بروحانيته وبلاغته وواظب على سماع عظاته الروحانية العميقة . فبدأ ضميره يستيقظ ويبكته على خطاياه وبدأ يقرأ في الكتاب المقدس وبالذات في سفر إشعياء والأناجيل ورسائل معلمنا بولس الرسول فتأثر بأعمال السيد المسيح ومعجزاته وموته المحيي لأجل خلاص البشرية كما وقع في يده كتاب القديس أثناسيوس الرسولي عن حياة القديس الأنبا أنطونيوس أب الرهبان فقرأه وأعجب به كثيرا وأحس بدعوة الله له . فقرر أن يقدم لله توبة قوية ويعيش لله بقية حياته .
فالتقى بالقديس امبروسيوس وأعترف أمامه بكل خطاياه وشروره السابقة ثم حدثه عن ميله للزهد في أمور هذا العالم لكي يحيا لله . وبإرشاد القديس امبروسيوس أختلى اوغسطينوس في مكان هادئ خارج ميلانو يصلي ويدرس الكتاب المقدس بعمق ويدرس في الكتب اللاهوتية والعقائدية ويستعد لنيل سر المعمودية المقدس . وبعد ذلك عمده القديس امبروسيوس سنة 387 فتغيرت حياته تماما وصار كل اهتمامه بالله وحده ففرحت أمه كثيرا بتوبته ورجوعه إلى الله ثم تنيحت بسلام .
رجع اوغسطينوس بعد ذلك إلى بلدته تاجست وباع كل ماله ووزعه على الفقراء متمثلا بالقديس الأنبا أنطونيوس ثم جاء إلى هيبونا ( عنابة ) وعاش حياة النسك والعبادة فالتف حوله تلاميذ كثيرون أسس لهم ديرا وصار هو أبا ومرشدا لهم في طريق الرهبنة والعبادة والنسك فبدأت رائحة قداسته وفضائله تنتشر في كل الأرجاء المحيطة .
ولما احتاجت هيبونا إلى كاهن رسمه أسقف المدينة كاهنا سنة 389م ثم أسقفا سنة 395 م ولما تنيح أسقف المدينة خلفه القديس اوغسطينوس في الأسقفية 396 م وله من العمر 41عاما واتسمت رعايته وخدمته بالدعوة للتوبة والعطف على الفقراء والمساكين ، ولما بلغ سن الثانية والسبعين عين له أسقفا مساعدا بعد ذلك اشتدت عليه وطأة المرض ثم تنيح بسلام وله من العمر 76 سنة في مثل هذا اليوم 22 مسرى من سنة 146 للشهداء (430 م )
بعد أن خدم شعبه بكل أمانة وصار مثالا للتوبة الصادقة في كل الأجيال و لأنه كان فيلسوفا روحانيا فقد ترك للكنيسة تراثا روحيا ضخما ، صلاته وشفاعته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديا آمين