joash مشرف عام
المشاركـــــات : 808 التقييم : 5 تاريخ التسجيل : 27/07/2012
| موضوع: اقتنى محبة الله لتطرد منك محبة الخطية الأحد سبتمبر 16, 2012 4:09 pm | |
| اقتنى محبة الله لتطرد منك محبة الخطية
الإنسان لا يستطيع أن يعيش في فراغ عاطفي.
فهو إما أن يملأ قلبه بمحبة الله، أو أن يمتلئ هذا القلب بمحبة العالم والجسد.
"ومحبة العالم عداوة لله" (يع4: 4).
نقطة أخرى، وهي أن محبة الله أقوى وأعمق من أية محبة أخرى، لذلك إن أدخلتها في قلبك، فإنها حتماً ستطرد كل الشهوات الأخرى منه، وصدق ذلك القديس الذي قال:
التوبة هي استبدال شهوة بشهوة.
أي بعد أن كنت تشتهي العالم والجسد والخطية، أصبحت كل شهواتك روحية، مركزة في الله والحياة معه. فلا يكن قلبك إذن خالياً من حب الله وملكوته، لئلا تسكنه محبة الخطية. وأحفظ هذا الميزان سليماً داخل قلبك. لا تجعل كفة العالم ترجح بتأثيرات كثيرة من النظر والسمع والقراءة والخلطة المعثرة.. إنما استخدم بكل قوة جميع الوسائط الروحية المتاحة لك، التي تعمق محبة الله في عقلك.
وثق أن الخطية لا تستطيع أن تدخل قلباً يحب الله.
ولا نقصد بالإنسان الذي يحب الله، مجرد ممارسته للوسائط الروحية كالصلاة والصوم والقراءة الروحية وحضور الكنيسة والاعتراف والتناول. وإنما يهمنا قبل كل شيء أن تكون هذه الوسائط الروحية نابعة من حب داخلي في القلب.
فالدين هو الحب: حب الله، وحب للخير، وحب للغير.
التوبة إذن، هي تحويل مشاعر القلب بالحب نحو الله. وكل الممارسات الروحية كالصلاة والصوم لا تكون قائمة بذاتها، إنما ملتصقة بهذا الحب. فالصلاة بغير حب الله، ليست هي صلاة بالحقيقة. وكذلك الصوم. وكذلك حضور الكنيسة والتناول.
فأنت تصلي وتقول "عطشت نفسي إليك" "باسمك أرفع يدي، فتشبع نفسي كما من شحم ودسم" (مز62)، "محبوب هو أسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي" (مز119).
وأنت تقرأ في الكتاب وتقول "وجدت كلامك كالشهد فأكلته".
وأنت تذهب إلى الكنيسة وتقول "مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب" (مز83: 1).
بهذه المشاعر تجد لذة في التوبة. وتوبتك تستمر وتستقر.
لا بد إذن أن تقتني محبة الله، التي تستطع أن تطرد من قلبك محبة الخطية.
لا بد أن تعرف المسيح، لكي تستطيع أن تترك الجرة عند البئر (يو4).
فإن لم يكن لك هذا الحب، أطلبه في صلاتك بكل لجاجة.. هي صلاة تقولها في كل وقت، من كل قلبك، ومن كل فكرك، ومن عمق أعماقك:
أعطني يا رب أن أحبك..
أنزع محبة الخطية من قلبي، وأعطني محبتك..
وابحث عن كل الوسائط التي تساعدك على محبة الله..
ليست كل قراءة تنفعك. ولكن هناك قراءات روحية تؤثر كثيراً في قلبك، وتمس مشاعرك الروحية. وهناك أماكن مقدسة تؤثر فيك، وأشخاص محبون لله، تراهم فتحب الله مثلهم.. بكل هذا وأمثاله، التصق بكل قوتك.
وابعد عن كل شيء، به تبعد محبة الله عن قلبك.
وفي هذا القلب المحب لله، تعبد الله بفرح، ولا تجد صعوبة في حفظ وصاياه.
بل تغنى مع يوحنا الحبيب قائلاً:
هذه هي محبة الله أن نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة (1يو5: 3). ولماذا ليست ثقيلة؟ لأنك تعيش فيها بفرح، بحب، من غير صراع داخلي يشبعك. إذ لا تجد ناموساً آخر في أعضائك، يحارب ناموس ذهنك، ويسبيك إلى ناموس الخطية" (رو7: 23).
الإنسان الذي يحب الله، يجد لذة في تنفيذ وصاياه.
ويجد لذة في عمل ما يرضيه. ولا يسمح لنفسه أبداً أن يغضبه. كإنسان يحب أباه وأمه، ويجد لذة في إرضائهما، وكسب بركتهما ورضائهما، ولا يسمح لنفسه أن يغصبهما في شيء.
إن وصلت إلى هذا الشعور، يمكنك أن تتوب بسهولة.
ولكن لعلك تسأل: كيف يمكنني أن أصل إلى محبة الله هذه، التي تطرد مني محبة الخطية؟..
هناك وسائل توصلك إلى محبة الله، منها:
اقرأ كثيراً في سير القديسين الذين أحبوا الله من كل قلوبهم، وبذلوا كل شيء من أجله. وخسروا كل الأشياء من أجل فضل معرفته، لكي يوجدوا فيه..
واقرأ كتباً كثيرة عميقة عن الفضيلة، لكي تثير محبة الخير في قلبك، فتترك ما أنت فيه..
واقرأ قصص التوبة والرجوع إلى الله، فهي مؤثرة جداً ونافعة لك..
وتذكر الموت والدينونة والملكوت الأبدي، لكي تشعر بتفاهة الخطايا التي تحاربك، بل وتفاهة العالم كله..
وتذكر كم أحبك الله طول حياتك وأحسن أليك. فإن هذه الذكريات الحلوة تثير فيك مشاعر الحب والعرفان بالجميل من نحو الله. فتحبه لأنه أحبك قبلاً..
ومع ذلك فلكي تصل إلى التوبة، عليك أن تصارع مع الله، ليعطيك محبته، أو ليعطيك قلباً جديداً يحبه
========== من كتاب حياة التوبة والنقاوة | |
|